بقلم ريجا دوي ألفيان بن جيلاني البنتني
مما لا نعلم فيه خلافا أن الوحدة لها مكانة راقية في دين الإسلام الشريف. فلا بدع إذن أن نرى الشريعة الإسلامية كلها تهدف غرضا عاليا و قصدا فريدا ألا وهو توحيد الناس مهما اختلفوا قبيلة و لغة، و ذلك يتمثل في شكل من الأشكال بداية من العبادة التي شأنها بين العبد و الرب نهاية إلى العبادة المتعلقة بحسن المعاشرة مع الناس. و مما تجدر الإشارة إليه أن أبرز العبادات التي تدل على مدى اهتمام الإسلام الأغر بالاتحاد عبادة الحج التي أقيمت مرة واحدة في السنة وبالأدق في عرفة. نرى ملايين نسمة من المسلمين اجتمعوا في مكان واحد يستغفرون الله تعالى، نرى كيف يتعاونون بينهم البين على تحمل الأعباء و المشقات وهم من شتى بلدان العالم ، نعرف أيضا كيف يطوفون حول الكعبة على لون واحد و صوت واحد و سرعان ما يسوون صفوفهم عند سماع إقامة المؤذن. هذه التصرفات الرائعة مما يعكس لنا اعتناء هذا الشرع بالوحدة اعتناء بالغا.
من الجدير بالذكر أنه قد أسلم حشد كبير من الكفار نتيجة مشاهدة اتحاد المسلمين في الحج، هذا الأمر إن دل على شيء فإنما يدل على أن الوحدة العالمية لن تتجسد إلا من خلال تنفيذ و تطبيق الشريعة الإسلامية في أنحاء العالم كافة. و من النماذج التي دلت على إلمام الإسلام بالاتحاد اعتناء النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الجماعة و تسوية الصفوف سواء في الصلاة أم في الحرب هذا الواقع –دونما شك- يؤكد صحة قولنا. لقد نطق التاريخ الإسلامي بأن هذا الدين قد وصل إلى ذروة المجد عندما تبوأ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على كرسي الخلافة، وإذا أمطنا اللثام عن العوامل التي من شأنها أن تؤدي إلى تقدم حضارة المسلمين خاصة وغيرهم عموما وقتئذ، لوجدنا أن سبب ذلك إقبال الناس مسلما كان أم كافرا على قوانين هذا الشرع أيما إقبال. هذا مما يدعم رَأْيَنا -دون أدنى ريب- أن الإسلام هو أصل الوحدة العالمية الإنسانية.
من الخطورة بمكان أن نعلم أن ما ذكرناه آنفا لن يخلو من مشاركة اللغة العربية الجبارة وهي دونما شك أفضل اللغات في العالم حيث حازت الرقم القياسي في أكثر اللغات لفظا، إذ أنها لغة القرآن وتكلم بها سيد ولد عدنان صلى الله عليه و سلم . نقول في هذا الموضوع أن اللغة العربية أدلت بدلوها في توحيد و توطيد صلة الأمة. وذلك لأن هذا الدين مع شريعته الغراء لا ينفك منها و إضافة على ذلك أن أسس الدين – بدءا من القرآن الكريم مرورا بالسنة النبوية وصولا إلى الإجماع والقياس- كلها بلغة الضاد. انطلاقا من هذا فلقائل أن يقول: إن اللغة العربية لها سعي حثيث مع الإسلام في خلق الوحدة بين الأمة العالمية.
فعودة إلى بدء لقد تكلمنا آنفا عن علو اهتمام الإسلام بالألفة بين الناس أجمعين وألقينا الضوء على منزلة العربية في خلق الوحدة . استنتاجا من هذه السطور المتواضعة أنه ليس من بد لنا أن نطيع هذا الدين في كل ما جاء به من الأنظمة و نهتم كثيرا باللغة العربية بغية تحقيق الوحدة العالمية، و أن نعي بأن هذا الموضوع على جانب كبير من الأهمية. و من ثم لزاما علينا أن نلقي بالغ اهتمامنا بهذا الموضوع . أخيرا هيا بنا نسير معا نحو تحقيق الألفة والمحبة بين الناس, من خلال نشر اللغة العربية و تحقيق النظام الإسلامي.
رئيس منتدى “القلم” للكتاب بمعهد دار اللغة و الدعوة
Comments